مرحباً بأصدقاء الأدب والكُتب, هنا ملتقى الأدباء ومجلة الكُتاب العظماء, هنا حيث ننثر من ربيع الكلمات مطراً .. أهلاً بكم
انتظار مُرّ …
قصة قصيرة…
يذرع الرصيف ذهاباً ،
وإياباً على قدميه المشنوقتين
في حذاء جلدي له شراكان متصالبان مهترئان ،
الشمس تلسع
سحنته الحنطية ،
وكفيه وهامته
المعصوبة بشماغٍ بالٍ ،
لا يكترث لحرارة الشمس ،
بل يزيدها اتقاداً بدخان سيجارته المرتعشة بين اصبعيه الناحلتين ،
و شفتيه الصخرية اللون ، هكذا قضى جل الظهيرة ، مابين ، الرصيف وحبال السكة
الممتدة أمامه، يركل بتجهمٍ
حجارة الملل ، وينفث دخان سيجارته بمرارة انتظارٍ طال ،
بينما تمر الكثير من سيارات الأجرة، بعض سائقيها توقفوا
لبرهة يدعونه للركوب معهم
فيلوح لهم بالمضي ، مشيحاً عنهم بوجهه تلقاء المجهول
الذي رسمته خطواته الوئيدة
على الطريق ،
الطريق التي ملت دهسه البائس ،
جيئةً وذهابا ، مر النهار طويلاً ،
مال عمود الشمس قليلاً ،
توقف فجأة، لوَّحَ لسيارة سوداء خاصة توقفت بجواره ،
وخرجت من زجاجها الخلفي
يد منتصبة سبابتها
بغلظة.. فيما يبدو أن
الراكب بالخلف كان يهدد
الرجل المسكين بأمر ما !!
ثار الرجل ساخطاً ،
متراجعاً للخلف
يضرب كفاً بكف ، بطريقة تنبئ
بأن هناك خلافاً نشب بينهما..
تحركت السيارة
بسرعة كبيرة كادت تدهسه ،
رفع كلتا يديه للسماء
عائداً يذرعُ
الرصيف ثانيةً ..
وأنا معه أرقب لحظات أفراحنا عند اللقاء (فهل ياترى يعود)؟
بقي على زواجهما أياما معدودة..
شاب لايرفض مقدما قلبه مهرا ..
ترك ملف أوراقه الشخصية بالسيارة..
أخذت تعبث بالأوراق لحين عودته وهو يبادلها جسرا من نظرات الحب و الوله..
مالبثت أن تحولت عيناها إلى بركتي دمع..
عاد وجرحت سمعه و قلبه بسكين :
“لقيط؟؟ لم كذبت وخبأت الحقيقة ؟”
فرت دمعة من عينه :
” لأربعة : أحبك وأثق في إنصافك ولكوني غرس مثمر وإن تاه جذره عمقا ..”
اختنق صوته وهي تقفز من السيارة و تبتعد :
” وحتى لا تعدميني رحيلاً “
غمَرَتها بلطفِ ذراعيها حتى اشتدت ذراعاها..
علّمتها كيف ترفرف وتعلو..
حلَّقتْ و سَمتْ..
وحينها أفلتتْ يدها فوقعتْ في جرفِ وادٍ سحيق..
هبطتْ بها في
دار المُسنّات.