مرحباً بأصدقاء الأدب والكُتب, هنا ملتقى الأدباء ومجلة الكُتاب العظماء, هنا حيث ننثر من ربيع الكلمات مطراً .. أهلاً بكم
صاحتْ فَزِعةً وهي تسرحُ شعرَها، اعتادتْ أن أكونَ قريبًا منها وهي تصففُ شعرَها لأرى روعةَ سوادِه، هذه المرةُ رأتْ خيطًا أبيضَ يتدلى مع خصلاتِ شعرِها، اقتربتُ منها أكثرَ لأمنحها الأمان، قلتُ لها هذا انعكاسُ الشمسِ على خصلاتِ شعرك، قالت لا، بل هذه شعرةٌ بيضاءُ تتسللُ بين السواد ، لقد كبرتُ ياعمري، عزلتِ الشعرةَ البيضاءَ لأراها أكثر، سألتُها عن التاريخ، لم تجبني، نظرتُ في الساعةِ فإذا العامُ الجديدُ مطبوعٌ بالرقم ١،قلتُ لها ألف ألف مبارك يا رفيقةَ العمر، هذا عامٌ جديدٌ حلَّ علينا، أكملي تصفيفَ شعركِ ولا تلتفتي للقنديلِ الأبيض، قالت : أي قنديل؟ هل تهزأ بي وقد خطَّ الشيبُ أولى خطواتِه في رأسي، أمسكتُ بالمشطِ لأسرحَ لهاشعرَها وأرددَ على مسمعِها أنشودةَ السلامِ للعام الجديد، كررتُ عليها بأن لونَ الشعرةِ الجديدِ يشبه القنديل، سأراكِ في الليلِ وقد ازددتِ عامًا على أعوامك، هذه الخصلةُ البيضاءُ هي الضوءُ الجديدُ في عامي وعامِكِ، نظرتْ إلى شعرِ رأسي تتفحصه، سألتْني ولكنكَ لم يصبكَ ما أصابني، وضعتُ المشطَ في رأسي وإذا شعرةٌ بيضاءُ تلمعُ وسطَ سوادِ شعري، طمأنتُها بأن العامَ الجديدَ أضافَ لي كما أضافَ لها، معي قنديلٌ سيضيءُ خصلاتِ شعري كما أضاءَ شعرك، تبادلنا الإمساكَ بالمشط ، مرةً أسرِّحُ لها ومرةً هي تمشطُ لي شعري، أرادتْ أن تنزعَ البياضَ من السوادِ فأمسكتُ بيدها ونهيتُها بأن تتوقف، قلتُ لها : دعي العام يُلقي علينا بياضَ فرحتِه على رأسينا! هذا أولُ يومٍ في العامِ الجديد، هدأتْ نفسُها وهي تقول: لقد استمتعنا بالسوادِ في أعوام مضت، دعنا نشعلْ القناديلَ من هذا العام، ابتسمتُ في وجهها وأنا أضعُ أصابعي في مفرقِ شعرها، قلتُ لها لاتقلقي، تستوي في نظري كلُّ الألوان عندك ، سوادها وبياضها، المهمُّ أن يُشعلَ القنديلُ الستارةَ السوداء ، أعني كُلَّ خصلاتِ شعركِ.
كل مكان وزمان هناك قصة حزينة أو مفرحة.. هي الدنيا.
شكت لي إحدى الرفيقات المقربات مرارة الحياة.. وقسوة الأحداث.. وعذابات الفقد /
كيف أتنفس دارََا لاتبتسم؟
مسكونة بالخوف واللوعة والإضطراب
كابوس ثقيل بسببه لا يهدأ لي بال ولا يستكين به خاطري.
داري حافلة بالمنغصات.. مدعومة من ضائقات الأحداث.. ومجرياتها.. مفعمة بمشكلات وقضايا لاتنتهي.
كيف أنعم في دار يعمها الظلام..تنتشر بها كوابيس الليالي المعتمة.. المثقلة بدياجير المعاناة.. ناشبة مخالب الإنهيار على جدار سكينتي.؟
أمي.. أبي.. إخوتي.. وكل عائلتي أي تربة تضم رفاتهم؟
وحدي أهيم في مهاوي العذابات
وفي بحور الإنكسارات أجدف حتى لا انتكس وأخسر إصراري وشجاعتي لمواجهة أعاصير قادمة لامحالة تقتلع جذور جسارتي.. وفي بؤرة القسوة أجدني وحيدة في عالم غريب.. يحاصرني الصقيع وزمهرير شتاء قارس يقض مضجعي.. وينتهك راحتي.
أبحث عن حضن دافيء يحتويني.
أحاول جاهدة أن لا تنطفيء شعلة سراجي الضعيف من أجل أن أحمي داري من الرياح العاصفة بكيانها من حيرة ونكسة القهر.
أحاول مقاومة دمعي.. ومحوتاريخ سجل عذاباتي وأنيني..
ليتني أنساه.. قدرََا أسود الخطى.. ذاك الماضي الذي أغفل الجميع وجوده.. مازال يركض في مخيلتي.. كم أود نسيان تفاصيله المؤلمة وأحيا على حفنة من جماله.
سأضم الكف بالكف وأجمع شتاتي.. وأرفع كفى لله وحده.. هو من يغيث قلبي ويطفيء لهيب نبضي. يسدل علي الستر ويضم ذاتي المكفهرة في دار لا تبتسم.
هكذا شكت لي بوح ذاتها التي تذوقت اليتم مرات وكرات.. أعانها الله.
لم يكن فؤادي مٌترعاً بالحب
ولم يٌباغتني ضوء العشق
ومثلي لا تعجزه البلاغة
ولا تستعصي عليه اللغة والبيان
وكنتٌ أشعرٌ أن كل شيء مسخرٌ لي
حتى حاصرني جمالٌ الحزنُ بعينيها
واستعصت عليَ معاجم اللغة التي أرتلها
وأدعو الله أن يحلل عٌقدة من لساني …
يا الله دثروني من ربة الحسن وبابه
أين قناع القسوة والغرور الذي كنتٌ أرتديه
أين تلك النفس التي تضيقٌ من المواعيد
ولا تشدها رائحة الزهور والعطور
أين تلك الأنفة التي لا تتوسد
إلا وجه السماء وصدر الغيم
أين ذلك الجسد الذي
لم تعبث به سياط الحٌب
فإلى أي الجهات أولِ وجهي
وكيف أحافظ على سبحة الكبرياء والشموخ…
يارب نٌذري معقودة بين يديك
اطلق سراحها من قلبي
فنفسي ليست متهيئة لضعف الحٌب
أكره الهوان والانكسار وعوز العاشق
أكره الفقد والغياب وأسوار المدينة المٌغلقة
أكره الصمت وحشرجة الصدر والاستسلامٌ للنحيب …
أخاف أن يأتي الوقت الذي أجبرٌ فيه
على عد أنفاس الساعة
ليكون ثمة لقاء منتظر …
أخافُ أن أصبو في لحظة ضعفي
وأطرقٌ أبواب العرافين والعرفات
وأبحثٌ عن تعويذة عشق
تزرع السكينة في قعر جوفي ..
أخاف من لحظة جنون تجعلني
أتحسس رأس الطريق
الذي تنمو فوقه خطواتها
أن أستعطف تلك النخلة التي
ظللت وجهها من حٌرقة الشمس
أخاف أن أسأل الهواء الذي يشهقٌ به صدري
وهو يٌحاول صد الأبواب عنها
ويغلقٌ على عٌمره تابوت الخيبة
وويلات الطعنات تٌحاصر قلبه من أقْصاه إلى أقصاه …
–
أعود إلى الكتاب من وقت لآخر. أفتح دفته الأولى أتصفحه بعناية ورقة ، ورقة، ثم أعيده لمكانه، فيما الوقت يمر طويلاً وكتابي
يرقد دون حراك، في صبيحة أحد الأيام حملته بين يدي، ربَّتُّ على غلافه الأنيق، نفضت عنه غبار القطيعة، فالتمعت أحرف عنوانه، قررت أن أقرأ كم صفحة من صفحاته ، أذكر أني مضيت في القراءة حتى أنهيت الفصل الأول، وضعت فاصلةً من ريش حيث وصلت، ورفعته فوق الرف الزجاجي القريب مني متمتمة بالعودة إليه في لحظة شوق ، رمقتني
كلمات العنوان بنظرة
حادة قائلة ”
كل البشر يكذبون.