مرحباً بأصدقاء الأدب والكُتب, هنا ملتقى الأدباء ومجلة الكُتاب العظماء, هنا حيث ننثر من ربيع الكلمات مطراً .. أهلاً بكم
مُرِّي عَلَى قَدَرِ الهَوَى مُنسَابَةْ
شِعرَاً لِقَلبِهِ، وَاطرُقِي أَبوَابَهْ
هَذَا العُبُورُ لِمَرَّةٍ لَا يَنبَغِي
لِلوَجدِ لَمَّا يَشتَهِي أَحبَابَهْ
“أَهلَاً وَسَهلَاً” قَالَهَا مُتَمَوسِقَاً
هَل تَسمَعِينَ مَعَ الصَّدَى تِرحَابَهْ؟
مُرِّي عَلَى مَهَلٍ بِكُلِّ عَوَاطِفٍ
قَد تُصبِحِينَ بِدُونِهَا مُرتَابَةْ
إِنْ كُنتِ تُبدِينَ التَّرَدُدَ لَحظَةً
قَد تَسلُبِينَ بِدَايَةً إِعجَابَهْ
بَاتَ احتِمَالٌ وَاحِدٌ مُتَصَاعِدٌ
الخَوفُ وَهمٌ منشب أَنيَابَهْ
إِنَّ المَجَالَ مُهَيَّأٌ لِتَقَارُبٍ
مُذ أَن محا مِن قَلبِهِ إِرهَابَهْ
تَدرِينَ أَن العِشقَ سُكرُ مَشَاعِرٍ
لَمْ تَملَئِي يَومَاً لَهُ أَكوَابَهْ
حَاشَاكِ مَا جَالَتْ بِخُلدِ مُتَيَّمٍ
مِن فِكرَةٍ تِصِفُ الرَّشَا كَذَّابَةْ
أَنتِ الحَقِيقَةُ أُكمِلَتْ بِيَقِينِهِ
مَادَامَ حُبُّكِ مُترَعَاً فَأَذَابَهْ
فَلتَعبُرِي بِسَعَادَةٍ فِي فَيضِهَا
سِحرٌ لِيَملَأَ بِالرِّضَا أَعتَابَهْ
سَيَعُودُ مِن تِرحَالِهِ مُتَفَائِلَاً
كَي يَستَعِيدَ مِنَ الزَّمَانِ شَبَابَهْ
سَيَعُودُ مِن أَقصَى ذبوله يَانِعَاً،
فَرِحَاً يُفَاخِرُ بِالهَوَى أَترَابَهْ
كُونِي عَلَى عَينَيهِ لَهوَ فَرَاشَةٍ
حَتمَاً سَيَسدُلُ فَوقَهَا أَهدَابَهْ
كَحَمَامَةٍ غَنِّي بِلَحنٍ هَادِرٍ
لَمَّا أَضَاعَ مَعَ الشَّقَا أَسرَابَهْ
مَا لَحنُكِ الأَخَّاذُ غَيرَ رِوَايَةٍ
سَرَدَتْ تَفَاصِيلَ الجَمَالِ رَبَابَةْ
مُرِّي عَلَى بُستَانِهِ كَسَحَابَةٍ
مِن بَعدِ جَدبٍ أَنبِتِي أَعشَابَهْ
حَتمَاً سَتُثمِرُ حِينَهَا أَشجَارُهُ
تَجنِينَ مِن كَرْمِ الهَوَى أَعنَابَهْ
يَحتَاجُ أَن يَرتَاحَ بَعدَ عَنَائِهِ
قَد دَسَّ فِي صَحرَائِهِ أَسبَابَهْ
مُتَوَحِّدَاً فِي ذَاتِهِ لَمْ يَكتَرِثْ
إِن كَادَ يُفقِدُهُ العَنَاءُ صَوَابَهْ
حَتَّى تري عَلَى شفاهه بَسمَةً
خَضرَاءَ تُطفِي فِي اللِّقَاءِ عَذَابَهْ
فَإِذَا بَدَا لَكِ مِن حَدِيثِهِ لَوعَةٌ /
شَكوَى، تَجَاوَزِي بِالسُّكُوتِ عِتَابَهْ
وَتَأَلَّقِي بِالحُبِّ نَجمَةَ عِشقِهِ
أَو شَمسَ كَونِهِ حُلوَةً خَلَّابَةْ
أَنتِ القَصِيدَةُ وَالبَلَاغَةُ ذَاتُهَا
إِن كَانَ يَنوِي بِالمَجَازِ كِتَابَةْ
أَنتِ البَلَاغَةُ فِي رَوَائِعِ صُورَةٍ
شِعرِيَّةٍ فَأَزَحتِ عَنهُ ضَبَابَهْ
مُرِّي عَلَى قَدَرِ الهَوَى فِي لَهفَةٍ
وَتَمَايَلِي بِأُنُوثَةٍ جَذَّابَةْ
لَا تَخجَلِي مِن أَيِّ فِعلٍ عَابِرٍ
إِذ لَيسَ فِيمَا تَفعَلِينَ غَرَابَةْ
مَا قُبلَةٌ فِي الحُبِّ حِينَ عِنَاقِهِ
اِلَّا نَدَى فِيهٍ يَصُبُّ رِضَابَهْ
هَذِي حَدَائِقُ قَلبِهِ مَفتُوحَةٌ
فَاحَتْ خَمَائِلُ نَبضِهِ أَطيَابَهْ
يَعنِيهِ أَن يَعلُو شِفَاهَكِ إِسمُهُ
ثَمَّ ارفُضِي عَلَنَاً هُنَا أَلقَابَهْ
لَا تَسأَلِيهِ عَن مَدَى إِيمَانِهِ
بِالحُبِّ، يَومَاً تَعرِفِينَ جَوَابَهْ
الوَقتُ يَكتُبُهُ لِنَصِّ حَقِيقَةٍ
كُبرَى وَيَومَاً تَقرَئِينَ كِتَابَهْ
يَزدَانُ بِالحُبِّ الَّذِي بِفُؤَادِهِ
مُرِّي عَلَى قَدَرِ الهَوَى مُنسَابَة
صبي لي الشقراء
في فنجاني
يا ضبيةً
خُلقتْ لأجلِ بياني
يا بسمةً
ضاءت بليل لقائنا
فتملَّكت روحي
وعُمق كياني
لا تحملي الإبريق
فوق كؤوسنا
يكفي رُضابكِ
أن يحيط لساني
وسأترك الأشياء
أنتِ قضيتي
فتبسمي
حتى يخطّ بناني
ما كان آدمُ
في الجنانِ مؤنَّسًا
حتى أتت حوا
بكلِّ حنانِ
العشقُ مئذنةُ الوجود
بلالها في صوته
يقضي على الشيطانِ
والعشقُ مملكة الخلودِ
وقيسها ملكٌ ..
ويحكمها بِلا فُرسانِ
وأنا القصيدة
حين لاحت بسمةٌ
من ثغرها
ترنو إلى الأحضانِ
ولقد عشقتكِ
دون أي إرادةٍ مني
فصرتِ إخافتي وأماني
كالقاربِ المملوءِ خوفًا
عندما نابت شواطئهُ
عن الطوفانِ
وأتيتُ أمتشقُ القصيدةَ
كي أرى
ضوء الحياةِ
بثغركِ الخجلانِ
وأطوف في صحْن المحبةِ
ريثما يأتي الوصالُ
مكفِّرًا أشجاني-
ما كان ماؤك في القصيدة كوثرا
أو كان صمتي في الفجيعة منكرا
–
وأرى الحروف تغيرت ألوانها
والشعر نبض الغيم لن يتعثرا
–
وبمقلتيك قرأتُ أسرار الأسى
بعد البكاء المر ـ طيفا أحمرا
–
وجع القصيدة كالبنادق صوتها
مذ أشعل الطوفان روحي والثرى
–
قررت أن أروي الحقيقة كلها
ليروا بأن الحب أصبح منذرا
–
يعقوب غاب هنيهةً لا تبتئس
ستكون بعد قميص يوسف مبصرا
–
فاللهُ ربّي قد حباك من الرضا
ما أقلق القصرين سهدا والكرى
–
لا سر يا موسى ، هواي أضاعني
والقلب قلب الأبجدية أدبرا
–
حاولت شرح الأمر حتى يهتدوا
وأبت طيور الوهم أن تتغيرا
–
لا ظل يحميني ولا غاب الضحى
وأنا الخريف وكنت فيه الممطرا
الهدهد الطواف يخبرني بما
بين المدائن من حروب قد جرى
–
لكن هذا الصمت أرسم حزنه
بالريشة السوداء بدرا نيّرا
وداعية للشاعر الكبير/ حسن القاضي الجوهري, رحمه الله وغفر له
كأنه الآن.. والطبشور في يدهِ
وهَبَّ يرسم فوق اللوح أبياتا
قال ابن مالكٍ -الرحمنُ يرحمهُ-
والخَطُّ.. يَنطِق إفصاحًا وأصواتا
تظنهُ ابنَ عقيلٍ, قام مُدَّرِعًا
شواهدَ النحو.. توجيهًا وإثباتا
وفوقَ سبورةٍ خَطَّتْ أناملُهُ
روائعَ العلمِ, ما تسطيعُ إفلاتا
يلوحُ في حُلَلٍ بيضاءَ من ألَقٍ
كأنه مُـحْرِمٌ قد حَلَّ مِيقاتا
سحابةٌ من بياض العلم.. مُترعَةٌ
تُغيثُ شَطًّا ووديانًا وأَخباتا
لِدرسِهِ هيبةٌ.. لا لغوَ, لا صَخَبٌ
هل مثلُهُ أحدٌ؟! هيهاتَ هيهاتا
وقارُ عِلْمٍ, وعِلْمٌ بحرُهُ لُـججٌ
رَبَّى وعَلَّمَ أجيالاً وأَوقاتا؟!
وظَلُّ يزرعُ روضَ العلم مجتهدًا
أحسنتَ -يا شيخَنا- زرعًا وإنباتا
كأنه الآن.. في النادي, وقد هَطلتْ
أحلَى القوافِـي, وبحرُ الشعر قد واتى
إذا تَهادَى هديرٌ من روائعِهِ
أصغَى له الجَمعُ إعجابًا وإنصاتا
كم رَقَّ منه نَسيبٌ، وانتشَى أَلَقٌ
في فخرهِ، وسَما بالوصف نَعّاتا
وانساب بحرُ بيانٍ كاملٌ رَجَزٌ
ووافِرٌ, زان إعلانًا وإخفاتا
فالشعر يُـحيي نفوسًا مَسَّها رَهَقٌ
كالغيث يُـحيى -إذا ما انْـهَلَّ- أمواتا
إذا شدا حسنُ القاضي قصيدتَهُ
يُردّدُ الناسُ مما قال أَبياتا
لسانَ جازانَ أمسَى شِعرُهُ, فحَكَى
همومَهُ، لم يكن بالشعر مُقتاتا
وشِعرُهُ الفَذُّ يَروِي هَمَّ منطقةٍ
بـمنطقٍ لم يُطِقْ زَيفًا وإصماتا
(الجوهرياتُ).. أنقَى جوهرًا وسَنًا
فالجوهريْ صاغها فكرًا, وما اقتاتا
هنا (البيان) الذي يَهوَى، ويَعشقُهُ
أضحَى له سيدًا, رمزًا, وقد باتا
يا (منتدَى الفكرِ) حَتَّامَ (الهراءُ) ؟ شكَى
-فصفّقَ الناسُ تأييدًا- وما افتاتا
يا حبّذا (صانعُ الأمجاد) في وطني
أحيا به الله في الأوطان ما ماتا
فأسّسَ الوطنَ الغالي بعزمتِهِ
وكان موطنُنا مِن قبلُ أَشتاتا
جازانُ من (منبع الإلهام) وثبتُهُ
ما أعذبَ الاسمَ -يا جازانُ- والذَّاتا
وعاش ما (بين زيدٌ قام, وانطلقَتْ
هندٌ, وما كَفَّ ضربُ الناسِ) إعناتا
وهَــزَّهُ مَن بـ (باب السجن) قد (وَقَفَتْ)
فعالَجَ السجن, والسجّان, والقاتا
وهَبَّ يَـحمِي رياضَ الشعر إذ هَجمتْ
زعانفٌ, وعَدا العاديْ لِـيقتاتا
قد خَلَّدَ الشعرُ فينا شاعرًا حسنًا
وإنْ قَضَى ذلك القاضي.. فما فاتا
ذِكراهُ في خَلَدِ المِخلافِ خالدةٌ
قد كان في الشعر غرّيدًا ونَـحَّاتا
وعاش منتصبًا للضر، محتسبًا
للأجر، مغتربًا صبرًا وإخباتا
هذا أبو خالدٍ.. إنْ مات مصطبرًا
فشعرُهُ خالدٌ في الناس.. ما ماتا
أبها، 25/ 7/ 1445هـ(ما بين الأقواس من شعر الراحل حسن القاضي رحمه الله)