مرحباً بأصدقاء الأدب والكُتب, هنا ملتقى الأدباء ومجلة الكُتاب العظماء, هنا حيث ننثر من ربيع الكلمات مطراً .. أهلاً بكم
_______________________
الكتاب في نظري جولةٌ سياحية في أعماق التراث العربي ؛إذ يفتح للقارئ العربي نوافذ ضوئية على العديد من المعارف العلمية؛والطبائع الاجتماعية والمصطلحات السائدة في تلك البيئات القديمة التي أصبحت نسياً منسياً لدى الجيل المعاصر أوكادت..
و من شأن تلك الرحلة المثمرة التي يصحبنا فيها هذا العالم الثبْت، أنْ تعود على القارئ الحصيف بفوائد لاعداد لها؛وجوانب لاتُحصى من الطرافة و المتعة والمؤانسة؛تعكس لنا فطنة المؤلف الكريم؛ولماحيته الدقيقة؛وولائه الفريد المدهش لكنوز التراث العربي.
ولقد عرفت الحياة الأدبية المحقق: عبدالسلام هارون في العديد من تحقيقاته النوعية؛ومنزلته السامقة في مجال التراث العربي لايختلف عليها اثنان؛حتى قيل إنَّ ما أخرجه للناس من آثار سواء أكانت من تحقيقه أو من تأليفه تجاوزت 115 كتاباً..
على أنَّ امتاز به من صبرٍ وجلد ودأبٍ ودقة متناهية
في خدمة التراث العربي؛والغوص في أعماقه ؛ونفض الغبار المتراكم عنه ؛وحشد الطاقة على اكتشاف النصوص التراثية المغيبة الدالَّة على عظمة التراث العربي، ونواحي الجلال الكامنة في ذخائره؛لمما يسترعي الانتباه حقاً؛ويحملنا -كتلامذة له – ومن باب الإنصاف، على الاعتزاز بإنجازاته تلك؛ والسعي في إعادتها إلى دوائر الضوء؛كلما سنحت الفرصة.
ولاريب أنَّ الجامعات العربية عرفته أستاذاً محاضراً ومشرفاً ومناقشاً لمئات الرسائل العلمية..
_______________________
-عودةٌ إلى الكُنَّاشة.
وقد ساق تلك المعلومات بأسلوبٍ سهل لاتعقيد فيه؛وإيجاز شديدٍ غير منقوص،وترتيب غاية في الأناقة ؛وذلك مراعاة منه؛لمستويات القرَّاء، و لإيقاع العصر السريع؛و الشواغل المستبدَّة بأوقات الباحثين عن معارف من هذا النوع في مختلف بقاع الأرض.
وقد صدَّر كتابه هذا بمقدمة ضافية ؛أشار فيها إلى بواعث تأليفه؛وطريقته المنهجية ؛ومن ذلك قوله:
«وكانت كُنَّاشة النوادر التي أقدم اليوم طاقةً منها جزءاً من تلك الصورة المشرقة للتفكير العربي العزيز، والحضارة الإسلامية الفارعة، وتحفةً لمن يؤمن بتراثه، وهادياً لم ضلَّ به الطريق عن الإيمان بمعدنه الأصيل ،وسالفه المضئ.
وحول سر اختيار التسمية يقول:
«وقد وجدت أنَّ هذه التسمية مع ما فيها من التوليد أو التعريب أقرب في الدلالة، وأدقُّ في التعبير.
ويمضي شارحاً الطريقة التي اعتمدها فيقول:
«وقد كان من سوالف الأقضية أن أقيد تلك الشوارد ما استطعتُ إلى ذلك سبيلاً ،فإن الحكيم العربي كان يقول -وقوله الحق- : العلم صيدٌ والكتابة قيد،
وإذا ضاع القيد ذهب الصيد.
وقد قيَّدتُ في هذه الكناشة على مدى اشتغالي بالبحث والتحقيق زهاء نصف قرن، نحو ثلاثة آلاف مذكرة، هي رؤوس مسائل أرجو إنْ مُدَّ لي في أجل الحياة،
أن أنشرها مفصَّلةً على هذا النحو الذي أشرف بتقديمه.
ومن طريف ما قيدته في هذه الكناشة تفكير أسلافنا القدماء في أمور حضارية يزهو بها عصرنا الحاضر ويعدها من مفاخره».
وهو كتاب-على حدِّ قوله- «مشحون بالطرائف، وغذاء الذهن والروح واللسان أيضاً».
________________________
نموذج من الكتاب:
-كلماتٌ موؤدة..
لعل قولهم: اللغة كائن حي من أصدق القضايا المسلم بها، ففي جميع اللغات كلمات تحيا ،وكلمات تموت، والبقاء للأصلح.
ومن الكلمات التي وئدت في العصور الحديثة كلمة (الجراثيم) إذ تغير مدلولها الواسع ،وانحرف إلى مجري هو غاية في الضيق انحرافاً من الجمال إلى نهاية القبح والشناعة.
فالجرثومة في فجرها اللغوي تعبير جميل عن أصل كل شئ ومجتمعه، والجرثومة ما اجتمع من التراب في أصول الشجر … وفي حديث ابن الزبير لما أراد أن يهدم الكعبة ويبنيها كانت في المسجد (جراثيم)، يراد بذلك أنه كان فيه أماكن مرتفعة عن الأرض مجتمعة من تراب أو طين، أي أنَّ أرض المسجد لم تكن مستوية.
فإذا حاولنا أن نفهم هذا النص بالمفهوم العصري أخطأنا المعنى المراد، وفهمنا أنَّ الارض كانت موبوءةً بجراثيم أمراض، إذ أصبح مفهوم هذه الكلمة في عصرنا
لا يمكن أن يتعدى هذا المعني الطبي الذي يعمُّ الفيروسات والفطر والبكتريا كما يقولون.
وكذلك حين نصغي إلى قول جرير في مدح عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك بن مروان:
يا آل مروان إنَّ الله فضلكم
فضلاً قديماً وفي المسعاة تقديم.
قومٌ أبوهم أبو العاصي وأمهمُ
جرثومةٌ لا تساويها الجراثيم .
ولا يمكن ان تفسر هذه الجراثيم التي تعني الأصل السامي، والعرق الكريم بالمفهوم اللغوي المعاصر.
وفي الشعراء الأمويين من كان يُدعى (جرثومة)، عثرت علي اسمه في كتاب المصون للعسكري، وقد كان هذا الشاعر موضع إعجاب من الخليفة عبد الملك بن مروان.
ومن ذلك أيضاً كلمة (التبجح)، فقد أصبح مفهومها العصري منحصراً في الدلالة علي الجرأة المستهجنة وسوء الأدب وسلاطة اللسان.
ولكن مدلولها الأصيل هو الفرح والشعور براحة النفس والفخر بما صار إليه المرء من منزلة، كل ذلك في نطاق الأدب والرضا.
ومنه حديث أمِّ زرع «وبجحني فبجحتُ إلى نفسي»؛ أي فرَّحني ففرحت وعظمت نفسي عندي.
_______________________
تلك كانت إضاءة يسيرة أشبه ماتكون بنظرة طائر؛ أردت من خلالها المساهمة في الإشادة بقيمة هذا الكتاب النفيس العلمية والأدبية؛راجياً أن تُعاد طباعته ومن ثم تقديمه إلى الأجيال في ثوب قشيب زاهٍ؛تقديراً لمابذله الدكتور الراحل من جهود لايستهان بها أبداً.والله من وراء القصد.
يمكن أن نصف الشعر بأنه: (صورة جميلة من صور الكلام)(1).
وذلك لما يمتاز به من نغم يثير فينا انتباهاً عجيباً… فهو كالعقد المنظوم تتخذ الخرزة من خرزاته في موضع ما شكلاً خاصاً وحجماً خاصاً ولوناً خاصاً، فإن اختلفت في شيء من هذا أصبحت نابية غير منسجمة مع نظام هذا العقد)(2).
وما إن نتأمل في هذا العقد الثمين الذي حرص صاحبه على تناسق نظامه وحلاوة جرسه حتى تتداعى إلى أذهاننا قضية، العلاقة المحتملة بين الوزن والمعنى، وبين القافية والمعنى أيضاً، ذلك الجب العميق الذي أدلى فيه القليل من القدماء برأيه -بغير قليل من الحرص والتحفظ- وخاض فيه حتى الثمالة نفر من المحدثين.
إن متتبع هذه القضية يجد أن إرهاصاتها المبكرة تعود -فيما أعلم- إلى قول كل من: ابن طباطبا العلوي (ت322ﻫ)، (فإذا أراد الشاعر بناء قصيدة مخض المعنى الذي يريد بناء الشعر عليه، في فكره «نثرًا»، وأعد له ما يلبسه إياه من الألفاظ التي تطابقه، والقوافي التي توافقه، والوزن الذي سلس له القول عليه) جنباً إلى جنب مع قول أبي هلال العسكري (ت بعد عام 400ﻫ(3).
(وإذا أردت أن تعمل شعراً فأحضر المعاني التي تريد نظمها فكرك، وأخطرها على قلبك، واطلب لها وزناً يتأتى فيه إيرادها، وقافية يحتملها؛ فمن المعاني ما تتمكن من نظمه في قافية ولا تتمكن منه في أخرى(4).
وبناء على تأول القولين السالفين، أقدم حازم القرطاجني (ت684ﻫ) على محاولة أولية للربط بين البحور الخليلية وجداول دلالية جاهزة، وذلك في قوله: (ولما كانت أغراض الشعر شتى، وكان منها ما يقصد به الجد والرصانة، وما يقصد به الهزل والرشاقة، ومنها ما يقصد به البهاء والتفخيم، وما يقصد به الصغار والتحقير، وجب أن تحاكى تلك المقاصد بما يناسبها من الأوزان، ويخيلها للنفوس. فإذا قصد الشاعر الفخر حاكى غرضه بالأوزان الفخمة الباهية الرصينة، وإذا قصد في موضع قصداً هزلياً أو استخفافياً وقصد تحقير شيء أو العبث به ،حاكى ذلك بما يناسبه من الأوزان الطائشة القليلة البهاء، وكذلك في كل مقصد. وكانت شعراء اليونانيين تلتزم لكل غرض وزناً يليق به ولا تتعداه فيه إلى غيره(5).
ويوحي القول السالف بأن القرطاجني قد أفاد من المحاولات الأولية التي كانت عند سالفيه، إضافة إلى ما رواه الفارابي (ت339ﻫ) عن اليونان، وذلك في قوله: والمستظهر لآداب الأمم الأخرى يرى (أن جل الشعراء في الأمم الماضية والحاضرة -الذين بلغنا أخبارهم- خلطوا أوزان أشعارهم بأحوالهم ولم يرتبوا لكل نوع من أنواع المعاني الشعرية وزناً معلومًا، إلا [اليونانيين] فقط: فإنهم جعلوا لكل نوع من أنواع الشعر نوعاً من أنواع الوزن، مثل أن أوزان المدائح غير أوزان الأهاجي، وأوزان الأهاجي غير أوزان المضحكات، وكذلك سائرها(6).
ومن هنا كان الإيذان بحراك نقدي معاصر كبير حول قضية العلاقة بين الوزن الذي يركبه الشاعر، والقافية التي يجعلها قراراً لبيته والحالة النفسية الآنية التي كان عليها.
ولعل أكبر محاولة حظي بها النقد المعاصر هي محاولة: عبدالله الطيب الذي صدَّر حديثه عن الوزن بنضال طويل عن فكرته، نقتطع منه قوله: (مرادي أن أحاول -بقدر المستطاع- تبيين أنواع الشعر التي تناسب البحور المختلفة).
وقد يقول قائل: ما معنى قولك هذا؟ أتعني أن أغراض الشعر المختلفة تتطلب بحوراً بأعينها؟ هذا عين الباطل! ألسنا نجد مراثي في الطويل، وأخرى في البسيط، وأخرى في المنسرح، وهلم جرا؟ ألا يدل هذا على أن أي بحر من البحور يصلح أن ينظم فيه لأي غرض من الأغراض الشعرية؟.
وجوابي عن مثل هذا السؤال: بلى، كما يبدو ويظهر، ولكن كلا وألف كلا، لو تأمل الناقد ودقق وتعمق. فاختلاف أوزان البحور نفسه، معناه أن أغراضاً مختلفة دعت إلى ذلك، وإلا فقد كان أغنى بحر واحد، ووزن واحد)(7).
ويرد محمد غنيمي هلال على هذه الفكرة قائلاً: (ربط بعض الباحثين بين موقف الشاعر من معانيه وعاطفته وبين الإيقاع والوزن اللذين اختارهما للتعبير عن موقفه، على نحو ما هو معروف في شعر الكلاسيكيين من الأوروبيين والقدماء من شعراء الغرب، والحق أن القدماء من العرب لم يتخذوا لكل موضوع من هذه الموضوعات وزناً خاصاً من بحور الشعر القديمة. فكانوا يمدحون ويفاخرون ويتغازلون في كل بحور الشعر. وتكاد تتفق المعلقات في موضوعها، وقد نظمت من الطويل والبسيط والخفيف والوافر والكامل، ومراثيهم في المفضليات جاءت من الكامل والطويل والبسيط والسريع والخفيف. والأمر بعد ذلك للشاعر(8).
ويشاركه إبراهيم أنيس الرأي فيقول: (إن استعراض القصائد القديمة وموضوعاتها لا يكاد يشعرنا بمثل هذا التخير، أو الربط بين موضوع الشعر ووزنه: فهم كانوا يمدحون ويفاخرون، أو يتغزلون في كل بحور الشعر التي شاعت عندهم. ويكفي أن نذكر المعلقات… لنعرف أن القدماء لم يتخيروا وزناً خاصاً لموضوع خاص)(9).
ويرى سليمان البستاني رأي سابقيه فيقول: لقد (نظم العرب كل معنى على كل بحر وكل قافية وأجادوا، والقريحة الجيدة نقادة خبيرة إذا طرقت باباً انفتح لها ملء رغبتها فتقع على البحر والقافية وهي لا تعلم من أين تأتى لها أن تقع عليهما، وإنما هو الشعور الشعري يدفعها إلى حيث يجب أن تندفع(10)،
ويؤازر عز الدين إسماعيل من سبقه في دحض هذا التوجه حين يقول: من الذائع المستفيض (أن الشاعر حين يريد أن يقول شعراً لا يحدد لنفسه بحراً بعينه، وإنما هو يتحرك مع أفاعيل نفسه فيخرج الشعر في الوزن الذي يوافق له من الأوزان. ومعنى هذا: أن الوزن المجرد لا يعطي لوناً بعينه من الموسيقى… وهو موسيقى فارغة من المعنى، وطبيعي أن يكون المعول في فهم موسيقى الشعر، التي تلون كل قصيدة بلون خاص، أو التي لها معنى، على الإيقاع)(11).
والذي تطمئن إليه النفس -بعد عرض هذه الآراء- (أن دراسة الارتباط بين الوزن الشعري والمعاني، أو بين الوزن ومختلف الانفعالات «العواطف» لا يمكن أن تضبط ضبطاً دقيقاً صارمًا، كما تضبط مباحث الفيزياء، فالأصوات حين تصير رموزاً دالة على معان كاشفة مرامي الذات الشعرية ومقاصدها، فإنه يصعب فصلها عن سياقها الشعري ودلالاتها المعنوية)(12).
لهذا وقع عبدالله الطيب في شرك التعميم حين حاول تقسيم البحور الشعرية، وكذلك القوافي إلى: (مصفوفات بعضها يصلح لهذا وبعضها لا يصلح لذاك)(13).
ثم حاول تطبيق نظريته على شريحة انتقائية تخدم رؤيته وتجاهل ما سواها تارة، وتارة أخرى أثبت ما يعارض نظريته من النصوص، وعدها من الفرائد التي لا يقاس عليها!
ولهذا وقف محمد غنيمي هلال موقفاً ضبابياً متذبذباً من فكرة العلاقة بين العروض والقوافي وحالة الشاعر الانفعالية، فتارة يقول ما يفيد معارضته لهذه الفكرة -وقد جاء قوله فيما تقدم من حديث- وأخرى يقول: قد يقع الشاعر (على البحر ذي التفاعيل الكثيرة في حالات الحزن؛ لاتساع مقاطعه وكلماته لأناته وشكواه: محباً كان أو راثياً. أو لملاءمة موسيقاه الجدية الرزينة من فخر وحماسة ودعوة إلى قتال وما إليه، ولهذا كانت البحور الغالبة في الأغراض القديمة هي الطويل والكامل والبسيط والوافرة(14)!.
ولم ينفذ سليمان البستاني بجلده، فقد نقض بعض كلامه بعضه الآخر فتارة نجده يجعل الشاعر: (مطلق اليدين يتصرف بالشعر كيف شاء وله أن يرتضي ما تيسر له من الأوزان والقوافي، وهي تبرز له من نفسها بشكلها الأنيق وقوامها الرشيق)(15).
وتارة أخرى يعود لمناقضة نفسه حين يقول: (لهذا رأيت أن أذكر… ما تيسر لي استخراجه من شعر العرب بالنظر إلى ترابط بحور الشعر بمواضيعه وأبوابه… ولا شك أن العروضيين نظروا إلى أبحر الشعر من هذه الوجهة، ولكنهم لم يزيدوا على تسميتها بأسماء تنطبق توسعاً على أسماء مواضيع القصائد المنظومة عليها)(16)!!.
ومن هنا يتبين أن مرد الحرج الذي وقع به من تناول هذه القضية من المحدثين إلى أن: (العلاقة بين الشاعر والنغم الشعري، والإيقاع الذاتي للفظة الواحدة والألفاظ المتعانقة علاقة أخفى من أن تحدها القيم الصارمة، والتحديدات الدقيقة، والمقاييس الثابتة)(17)،
إن افتراض وجود علاقة بين الوزن والمعنى أو العاطفة افتراض غير دقيق، وإن وجد يصح (بالنسبة إلى من استخدم الوزن أول مرة، أعني الشاعر الأول الذي لا نعرفه الآن، والذي عبر عن نفسه في وزن شعري بذاته. هو الذي اخترع الموسيقى التي تناسب حالته الشعورية)(18)،
وعلى هذا فإن كل شاعر ركب هذه البحور وقفى بهذه القوافي بعد «الشاعر الأول المخترع المجهول» مقلد غير صادق مع نفسه، بدءاً من امرئ القيس -الذي زعم أنه ينهج منهج ابن خذام في الوقوف على الأطلال(19).
وحتى آخر من قال وسيقول من الشعراء! وذلك لا يصح بالنظر إلى الغرر والفرائد التي يزخر بها التراث الشعري العربي.
فإن قال قائل -مقالة عبدالله الطيب: (فقد كان أغنى بحر واحد، ووزن واحد)(20).
إذن! أجبناه بقول حازم القرطاجني: إن النفس قد جبلت على (حب النقلة من الأشياء التي لها بها استمتاع… إلى غيرها من التنوعات)(21).
وذلك دفعاً للسآمة فالنفس جديرة بأن (تسأم التمادي على الشيء البسيط الذي لا تنوع فيه(22).
كما أن هذا التنوع يكفل لها: (المراوحة بين تأمل الشيء وتأمل غيره)(23).
وبعد فإننا حين نرجح كفة الرأي الأخير -الذي نادى به المعاصرون على وجل وتردد- فإننا نحمي الشاعر والتراث الشعري العربي من تشوهات خطيرة؛ إذ يجعل منه -ذلك الاعتقاد السالف- شخصاً متكلفاً يصب اهتمامه على الوزن الذي يلبسه شعره، والقافية التي يختم بها بيته، عوضاً أن يوجه هذا الاهتمام إلى أحاسيسه الذاتية المتدفقة وانفعالاته ومشاعره، إننا بهذه الطريقة سنخلق شعراء مشوهين كلهم خارج دائرة الشعراء المطبوعين، وهذا ما لا يريده كل غيور على العربية وتراثها الشعري المجيد -وكل من تعاور هذه القضية ذاك الرجل غير أنه لم يوفق إلى جادة السبيل.
* الأستاذ المساعد في الأدب والنقد بجامعة سطام بن عبدالعزيز
المراجع:
(1) موسيقى الشعر: إبراهيم أنيس، موسيقى الشعر، الطبعة: الثانية، مصر، مكتبة الأنجلو المصرية، 1952م، ص: 5.
(2) نفسه، ص: 11.
(3) كتاب عيار الشعر: أبو الحسن، محمد بن أحمد بن طباطبا العلوي، تحقيق: د. عبدالعزيز بن ناصر المانع، (د. ط)، الرياض–المملكة العربية السعودية، دار العلوم للطباعة والنشر، 1405ﻫ-1985م، صص: 7-8.
(4) كتاب الصناعتين «الكتابة والشعر»: أبو هلال الحسن بن عبدالله بن سهل العسكري، تحقيق: علي البيجاوي، ومحمد أبو الفضل إبراهيم، الطبعة: الثانية، القاهرة، دار الفكر العربي، (د.ت)، ص: 145.
(5) منهاج البلغاء وسراج الأدباء: أبو الحسن حازم القرطاجني، تقديم وتحقيق: محمد الحبيب بن الخوجة، الطبعة: الثالثة، تونس، الدار العربية للكتاب، 2008م، ص: 239.
(6) رسالة في قوانين صناعة الشعراء «ضمن كتاب فن الشعر لأرسطو»: أبو نصر محمد الفارابي، تحقيق: عبدالرحمن بدوي، الطبعة الثانية، بيروت، دار الثقافة، 1973م، ص: 152.
(7) المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها: عبدالله الطيب، الطبعة: الثالثة، الكويت، دار الآثار الإسلامية –وزارة الإعلام، 1409ﻫ=1989م، صص: 93-94.
(8) النقد الأدبي الحديث: محمد غنيمي هلال، (د.ط)، مصر، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، 1996م، ص: 441.
(9) موسيقى الشعر، ص: 175.
(10) إلياذة هوميروس «معربة نظماً وعليها شرح تاريخي أدبي»: سليمان البستاني، (د.ط)، مصر، مطبعة الهلال، 1904م، ص: 89.
(11) الأسس الجمالية في النقد العربي «عرض وتفسير ومقارنة»: عز الدين إسماعيل، (د.ط)، القاهرة، دار الفكر العربي، 1412ﻫ=1992م، ص: 316.
(12) أوزان الشعر العربي بين المعيار النظري والواقع الشعري «الشعر الجزائري في معجم البابطين أنموذجاً تطبيقياً»: ناصر لوحيشي، الطبعة الأولى، إربدر–الأردن، عالم الكتب الحديث، 1432ﻫ=2011م، ص: 106.
(13) انظر: التجديد الموسيقي في الشعر العربي «دراسة تأصيلية تطبيقية بين القديم والجديد لموسيقى الشعر العربي»: رجاء عيد، (د.ط)، الإسكندرية، منشأة المعارف، (د.ت)، صص: 16-18.
(14) النقد الأدبي الحديث، ص: 441.
(15) إلياذة هوميروس معربة نظماً وعليها شرح تاريخي أدبي، ص: 90.
(16) نفسه، ص: 90.
(17) الإيقاع في الشعر العربي: عبدالرحمن الوجي، الطبعة: الأولى، دمشق–سورية، دار الحصاد، 1989م، ص: 78.
(18) التفسير النفسي للأدب، ص: 51.
(19) انظر: ديوان امرئ القيس: تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، الطبعة: الخامسة، القاهرة، دار المعارف، (د.ت)، ص: 114.
(20) المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها، ص: 94.
(21) منهاج البلغاء وسراج الأدباء، ص: 221.
(22) نفسه، ص: 221.(23) نفسه، ص: 221.
حين طار الغراب ولم يرجع !
احتفى المنجز الشعري (الحرف والغراب) للشاعر العراقي المغترب أديب كمال الدين الصادر عن منشورات الدار العربية للعلوم ناشرون، لبنان 2013،ـ بمجموعة قصائد ذات مضامين متنوعة، تمّ اختيار عينة منها لأجل الوقوف على البعد البنائي للنص في ضوء قراءة تاؤيلية .. ابتدأ أديب كمال الدين ديوانه بقصيدة :(الغراب والحمامة) والتي جاء عنوانها من حيث انتهى العنوان الرئيس للمجموعة (الحرف والغراب) وهذا يجعل القارئ يتساءل حول ترتيب القصائد بهذا الشكل فكان من المفترض منطقياً أن يضع قصيدة (قال الحرف: ما معنى النقطة) في بداية المجموعة إلا أنّ ما يبدو من هذه المخالفة هو هدم للتسلسل المنطقي كي يعي القارئ بدءاً أنّ المجموعة تخضع لعنصر المفاجأة، وتشظية التصورات الأولية، كي تصنع فضاءً فوضوياً لكل ما يقدم عليه القارئ … حين طارَ الغرابُ ولم يرجعْ صرخَ الناسُ وسط سفينة نوح مرعوبين.!
بدأ الشاعر قصيدته (الغراب والحمامة) بهذا المقطع ،وهو يكرّس مفهوم الزمن للدلالة على وجود ترابط بين الأحداث ، وكأنّ الإجراء والفعل لا ينتج إلا عن فعل مقارب له في الزمن:/ حين طار الغراب/ صرخ الناس/ بالإضافة إلى أنّ التفاعل يتم بتعاقب وتوالٍ ،وليس بانبثاق عرضي كي يدخل الشاعر العنصر التاريخي في إنتاج النص:
/حين عادت الحمامة/صرخ الناس/،
كما وأنّه يؤثث فكرة الفهم الكلي، بجعلها تنفتح على عالم الأشخاص الفرديين ، حيث يصيّره انتقالاً ،وإعادة معايشة للعالم، كما يجده شخص آخر في الخبرة المعاشة نفسها.
حيث يقول: وحدي وقد كنتُ طفلاً صغيراً- رأيتُ جناحَ الغراب، أعني رأيتُ سوادَ الجناح! تفترض القراءةُ أنّ ديوان (الحرف والغراب) لأديب كمال الدين يشتمل على عنصرين رئيسين (الرؤية، والإجراء) ،وتكرُّس هذين العنصرين، جرّاء تجربة الشاعر الطويلة، تمثّل العنصر الأول بين قراءاته و تأمله، والآخر جرّاء تزاحم واحتدام خارجي ،تتجلّى انعكاساته المحزنة والمفرحة على حد سواء في أفق الذات الشاعرة ، ما دعا أديب كمال الدين أنّ يتحرك شعرياً إزاء بناء نصّ تتراكم فيه الوحدات القيمية ،على أنّها أمثولاً لفعل خارجي هادف تارة وعبثي تارة أخرى: ضميرُنا المُستتر، ضميرُنا السكرانُ ليلَ نهار، ضميرُنا الذي يصحو كي يواصلَ فوراً سكرَه وشتائمه وفكاهاته التي تشبهُ طيوراً ميّتة، حتّى ينام في آخر الليل سعيداً كيتيمٍ طُرِدَ من الملجأ مفترشاً الرصيفَ أو الحديقةَ العامّة، وقنينةُ الخمرةِ قربَ رأسه تحرسُه بشخيرِها العميقِ من الكوابيس.!! في الوقت الذي ينطوي النص على بناء فكري فوضوي أقرب منه إلى بناء منطقي متراتب حيث إنّ أديب كمال الدين نأى بقصائده عن النمط التراتيبي التقليدي للأفكار والرؤى، وسعى إلى خلق مسافات متناقضة ومتباينة في النص:
ينتظرُ حبلَ الموت كي يلتفَّ على الرقبة! بهَلْوَسَته الحكيمةِ، وبحكمته المُهَلْوِسة، قَتَلني رمياً بالرصاص وأنا في سنِّ العشرين!
كما أنّ صياغة الأحداث تتم بسرعة تتناسب ومجريات الواقع الخارجي المزدحم، بتتابع الأحداث واندماجها، وكذلك عمل الشاعر على تبئية الثقافة المغايرة، بإدراج النصوص التي تحمل سمة الخروج عن السائد الاخلاقي والديني والثقافي، في سياق يلغي الفهوم والإسقاطات الأولية، فتتحول إلى رؤية أو مُثل فاقدة للإجراء، وبالتالي لا تعدو كونها أفكاراً كلّية، تنساب مع واقعيات متنوعة ومختلفة، وبإجرائها يتحدد قبولها أو رفضها، مقاربةً مع الانتظام واللاانتظام، أو الالتزام واللالتزام : ستحكين الحكاياتِ – ما أجملها!- إلى شهريار المحدّقِ في شفتيّكِ مدهوشاً. ستدّعين أنَّ حروباً عظيمةً نشبتْ، وسفناً محمّلةً بالذهب غرقتْ في أعالي البحار، وملوكاً صُلِبوا ثُمَّ قاموا من الصلب، وشطّاراً حكموا أزقّةَ بغداد، وعشّاقاً جنّوا من العشقِ والحبّ، ونساءً مارسنَ السحرَ والجنس! وبذا يسعى أديب كمال الدين نحو إيجاد ثابت نصّي، مقارنة بالمتغير الإجرائي، الذي حدا به إلى منطقة التلقي والقراءة، كي يشتغل القارئ على تقطيع وتقسيم الانبساط الحاصل في المعنى، ويجعله ماثلاً بصورة جزئية غير قارة، تتبدل وتتحول مع كل فعل قرائي جديد .
بالإضافة إلى أنّه يترك في النص إمكانية مقاربة ما ينجز، مع ما يعيشه الشاعر نفسه ، وعلى هذا يمكن أن نصف نصّ أديب كمال الدين على أنّه يتموقع بين مستويين من الرؤية التأويلية، أولها تعمدٌ على تجاوز حرفية الواقع الخارجي وشخصنة المعنى إلى حيث المحاكاة بنمط كلّي عام لا يشير إلى المؤلف على الإطلاق بل إلى الحياة ذاتها بكل ما تتصف به من تاريخية وزمانية،
وثمة رؤية مغايرة تستند في تخومها على نزعة سيكلوجية تجعل من المؤلف جزءاً رئيساً في عملية الفهم والتأويل،
فبين هاتين الرؤيتين يتجاذب نصّ أديب كمال الدين، فلا يغادر تجربته المعاشة مطلقاً ،ولا يعمد إلى انحباس النصّ داخل تلك التجربة، وهذا التواشج بين الرؤيتين يتشكل عبر القدرة الكتابية للشاعر، وإمكانيته في خلق سياق مغاير يتحوّل التناص عنده إلى انتاجية جديدة: سيزوركَ هذا الصديقُ كاللصّ في آخر الليلِ والبرد وهو يحملُ موتاً خَفيّاً بين أضلاعه. ستقولُ له كلَّ نون وستسحرُه بالحروفِ وأسرارها وستدهشُه بكهيعص ويس وطسم وألم. ستنتابُه الحيرةُ وقتاً طويلاً وسيذكرُ في لحظةِ صدقٍ أثيرة أنّه قد رأى ذاتَ يومٍ سفينةَ نوح!من جانب آخر تجد الشاعر يضمن التناص في شعره أدوات التشبيه، والتي لا تقتصر وظيفتها على المستوى النحوي والبلاغي في التقريب أو المماثلة، بل تعمد إلى تحويل وفصل النص عن مرجعياته الأم .. سيبكي عليكَ، إذنْ، إخوتُك: إخوةُ يوسف مثلما سيبكي الشيخُ الكبير والمرأةُ التي جُنّتْ بحبّك والنساءُ اللواتي قطّعنَ أيدهنّ. حتّى الذئب سيبكي عليك!
استنهاض : قراءة نقدية وجدانية لقصيدة الشاعر ابراهيم مباركي
يعيد الشاعر الكبير ابراهيم مسير مباركي تعريف الوجد و الحب و الشوق و الحنين و جميع الإنفعالات العاطفية المكثفة ..
فيخلق لنا مزيجاً من الشعور المختزل للغة و ما وراء اللغة ..
عاش دهراً يعيثُ فيه الأُفولُ
يزرع الضوءَ…والجراحُ خيولُ
تقلب العاشق في زمانه على رمضاء الغياب ، بل كان من فداحة الحال أنه قال “يعيث” ولا أجد مفردة تستنطق الصورة الكالحة لهذا الشطر كما فعلت ، بل أن شاعرنا و في امعانٍ متعمد يكثف السوداوية في جنبات هذا البيت حتى يكون مطلعاً يليق بقصيدةٍ كهذه..
ثم يباغت الشاعر كل من يظن أنه أمسك بتلابيب القصيدة من صدر مطلعها ليجد أن عجز المطلع مشكلة تحتاج لقولٍ آخر لا يجمعه بالأول إلا ما تقتضيه المطالع بالضرورة أما ماعداه فيجب أن تثنى في تحصيل جمالياته الركب ..
“يزرع الضوء” كيف خطر للشاعر أن يملاء الحقول ببراعم الضوء و في حصاد ذلك شرق بخيالك و غرب أما الشاعر فقد قال ما أراد ..
ثم تتضاعف الدهشة و تختلط الأوراق و كل هذا و أنت ما تزال في مطلع قصيدة عظيمة.
——————————————•
يرتدي الريحَ.. والنهاياتُ نجمٌ
عبقريٌ تموتُ فيه الطلولُ
في خدودِ الغيومِ يرسمُ حرفاً
هيَّجَ البرقَ فاعتراهُ الصهيلُ
بعد صراع الأُفول و تجاذبات الطيف و الضوء و الخيول ..
انتفض الشاعر على واقعه فلم يجد ثورة أفضل من تلك التي ترتدي الريحَ في مقاربة مذهلة تصور أمامك مشهداً سُريالياً لعاشقٍ ردائهُ الريح و مطيته الجراح التي نزفت من دمها و دماء الخيول الشعور الصاهلة بصخب العنفوان..
لتتحتم النهاية الموسومة ، لكن لأنها قصيدة عصماء و العصماء غالباً تتمرد على الغائية في الشعر فلا تموت الطلول هنا إلا فقوق هامات النجوم.
الشاعر يرسم على الغيمات لا لا عفواً على خدودها فقط..
لو رسم على الغيم كما هو مطروقٌ و نعرفه لحق لنا أن نقول أنه قال شعراً..
لكنه اختار من الغيم الخد فخذها و ارحل بها في فضاءات المجاز فشرّق و غرّب
——————————————•
بين جنبيهِ ألفُ موجٍ وموجٍ
تتهادى في راحتيهِ الفصولُ
جاءحلماًيخضلُّ عشقاً ووجداً
فاشرأبتْ إليهِ تلك الحقولُ
لا تعجل في القراءة و لا تتسرع في الحكم على البيت بل حاول أن تتهادى بين يدي شعرٍ و شعورٍ لا يستطيعه إلا الأكابر ..
بين جنبيه موج فموج فموج فلا يهدء هذا الجوى دائمُ التأهب لحركة وجدانيه تفرضها على العاشق المواقف..
فموجٌ و ريحٌ و برقٌ و صهيلٌ و و و ولن تنتهي صور عصف الذهن و أعاصير الشعور.
——————————————•
غير أنَّ الجمال عاد سراباً
أجدبَ الموجُ والهوى والرحيلُ
عاد للصمت واستحال نفوراً
مرفأً نائياً وحزناً يطولُ
كيف كان هذا الإلتفات الأسيف الحزين اللي قلق القريب من اليأس البعيد من الأمل عندما قال “غير أن” و له بعد ذلك يأن يتحدث فيما شاء..
أنظر ما الذي حدث بعد هذا الحزن عند قول الشاعر “أجدب الموج” ربما مررت بمفردات و تركيبات تمنحك الجرعة المثالية من الدهشة لكن ليست كهذه المعاني، أنت هنا تُمنح الجرعة المفرطة تلك التي تشكل الخطر و تعلن الإنذار المبكر.
——————————————•
لونُ بيدي مدائنٌ تتشظّى
وسريرٌ معربدٌ وشمولُ
يستثيرُالرؤى المضيئةَ حولي
موعدٌ خائنٌ وقلبٌ ذليلُ
عندما يتحول اللاشيء إلى شيء و يشير المدلول الى الدال و الأطياف إلى أجسادٍ حينها تصبح الألوان جسورٌ و منازلٌ و قصور و انسحاباً على هذه القاعدة فإن كل ما دون ذلك هو تابعٌ للأصل يتبعه بالضرورة..
لكن رؤى الشاعر المضيئة لم تسعفه و لم تنجده من هول الموعد الخائن و انتكاسات القلب الذليل.
——————————————•
كيف ضاء الدجى وكان أسيراً
ويموتُ الضياءُ وهو جليلُ
أوغلَ الليلُ في سمائك فاحملْ
يقظةَ الفجرِ في مدىً لا يزولُ
جاوزِ الصمتَ تحتفي بنذيرٍ
هو في غابةِ الدُّجى تهليلُ
وانثر الروحَ روعةً وجلالاً
سوف تحياالأموات وهي قليلُ
لا أستطيع و لا أملك من مفردات النقد ما يمكنني من سبر أغوار هذه الأبيات ففوق كل ذي علمٍ عليم و ما أنا إلا مقلدٌ للعمالقة من أمثال المعيدي و الأمير .
——————————————•
آثرتكَ الرمالُ وهي ربيعٌ
واشتهاكَ الجليدُ وهو عليلُ
بدعةٌ أنت.. أنت معنىً شهيٌّ
هام بالشعر فاحتواه النخيلُ
لغةُ الضّادِ تيمتني بثغرٍ
هامَ فيهِ الهوى وطابَ الهطولُ
لا تنفك الدهشة ترمي بظلالها الممتعة لتضاعف وقع الدهشة بأغصانٍ تدلت منها ثمارها اليانعة من هذه الحديقة العربية الضاربة بجذور أصالتها في مفازات الرضى و الغضب .
شعر : إبراهيم مسير أحمد مباركي
———————————————————•
ألتمس منك العذر على تقصيري بحق
هذه الفارهة الفارعة الباسقة
والله يرعاكم