مرحباً بأصدقاء الأدب والكُتب, هنا ملتقى الأدباء ومجلة الكُتاب العظماء, هنا حيث ننثر من ربيع الكلمات مطراً .. أهلاً بكم
تَجْتَاحُنَا الْكَثِيْرُ مِنْ جُثَثِ الأَفْكَارِ الْخَربة فِي
سُطُوْرِ النصوص الْمَطْوِّيَةِ،
وَكَأَنَّهَا تصفُ الْكَلِمَاتِ بِوَاقِعٍ يُثِيْرُهُالْمُحْتَوَى الْدَّاخِلي
فِي بَطْنِ الْنَّصِ .
فَلاَ أَحَدَ أَكْثَرُ شَرَاهَةً عَلىَ تَمَلُّكِ الْعَالَمِ مِنْ الْكَاتِبِ ،
لأَنَّ الْكَاتِبَ يَمْتَصُّ الْعَالَمَ وَيُحَوِّلهُ مِنْ وَاقِعٍ إِلَى رَمْزٍ ،
إلى صَنْفٍ مَرْسُوْمٍ،إِلَى رُؤْيَةٍ يَتَدَاوَلُهَا الْقُرَّاءُ كَحَرْبٍ،
وَنَزْفٍ،أو ككوثرٍ يَسْتَهِلُّونَ مِنْهُ الإِمْتَاعَ ، وَالإِعْجَابَ.
عَلِيْنَا أَنْ نُدْرِك أَنَّ الْكَاتِبَ الْمُحْتَرِفُ هُوَ الْذِّي يَنْتَبِهُ
لِفَوْضَى الْحَيَاةِ مِنْ ظُرُوْفٍ،وَمَوَاقِفٍ،وهَنَّاتٍ يَنْجَحُ
فِيتَصَيُّدِهَا كَمُفَكِرٍ،لِيُقَوْلِبَهَا فِي نَصِّهِ كَمَادَةٍ.
هَرَبَ فِيْهَا مِن الْعَالَمِ،يَعِيْشُ فِي دَاخِلِهَا دُوْنَ خَوْفٍ
لِيَعْبَرَ بِهَا إِلىالْخَيَالِ مُطَبِّبَاً إِعْوِجَاجَ الأَسْبَابِ بِطَرِيْقَةٍ
فَنِيَةٍ يَتَعَاطَاهَا بِشَغَفٍ،وبِاحْتِرَافِ كَاتِبٍ مُذْهِلٍ يَنْجَحُ فِي
تَعَافِي الْفِكْرِ الْبَشَرِي مِنْ ثِقَلِ الاعْتِيَادِيَةِ إِلَى رُؤْيَةِ الْوَاقِعِ
بِنَظْرةٍ مُتَجَدِّدَةٍ تَعْكِسُ لَنَا أَذْوَاقَ الْقُرَّاءِ
مِنْ خِلاَلِ خَلْخَلَتِه لِلسُلْطَةِ الْمَادِيةِ،وَالْرَمْزِيَةِ،وَالْرَأَيِ الْعَام،
وَخُرُوْجُهُ مِنْ صَنْفِ الْمَفْعُوْلِيَّةِ، وَالْخُضُوْعِ الأَعْمَى
إِلَى فَضَاءٍحَضَارِيٍ يَشْحَذُ بِهِ ذِهْنَ الْقَارِئِ
بِطَاقَةِ الْنَاقِدِ ضِدَّ هَيْمَنَةِ سُلْطَةِ الْوَاقِعِ الْذِّي مِن الْمُمْكِنِ
أَنْ يُشَوِّهَ الْمَعَنَى الْحَقِيْقِي لِلْمَرْئِيَات .
وَإلاَّ فَكَيْفَ يَنْجَحُ تَعَاطِينَا اللُغَوِي مَعَ الْجَانِبِ الْنَاعِمِ للإِنْسَانِ؟
عاطِفَتُهُ،وِجَدَانُهُ،أَفْكاَرُهُ،أَحْلاَمُهُ كَذَلِكَ،
فكُلُّ هذه الْجَوَانِبِ مُجردَ جُذُوْرٍ
يَرْبـطُهَا الْكَاتِبُ بِذَكَائِهِ مَابَيْنَ مُتَرَادِفٍ،وَتَضَادٍّ،وَصُوْرَةٍ
حُرَةٍ تَتَسِعُ،أَوْ تَضِيْقُ تحت تَأَوِيْلِ لُغَةِ الْقَارِئِ
الْتِي أَيْنَعَتْ بِدَلاَلاَتِ الْمَجَازِ،وَرُقِيِّ الْفَنِّ يَرْبُطُ بِهَا تِلْكَ التصورات .
كُلُّ ذَلِكَ مِنْ وَاقِعٍ مُتَخَيَّلٍ يَرْصُدُهُ الْكَاتِبُ ،
ويُنْهِضُّ مِنْهُ حِوَارَاً بَيْنَ قُوْةِ الْكَاتِبِ،
وَرُقِيِّ الْقَارِئِ بِوْقُوِفِهِ عَلىَ نَصِّهِ كَحَاكِمٍ يَسْتَجْلِبُ
مِنْ خِلاَلهِ لَوْحَاتٍ مُتَلاَشِيَةٍ
تَتَجَمَّعُ فِي نَهْضَةِ الإِبْدَاعِ،والْرَصَانَةِ.
يُؤَكِدُ الْكَاتِبُ لَنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْخَيَالَ يَخْلُقُ إِطَارَ الْذِّكَرَى مُتَجَرِّدَاً مِنْ نُبُوْءَةِ الْوَاقِعِ.
كانت البلسم الذي يرطب الجفاف ، والوتر الذي يرتق الثلم ، الحضور الذي يشبه النسيم .. كانت ترى الدنيا صغيرة جدا ، أصغر من أوجاعنا وآلامنا وفقدنا وغيابنا .. تفتح قلبها على مصراعيه وتعتبر الجميع أطفالها الذين لم تنجبهم ، تفتقد غائبهم وتهش لحاضرهم وبين الريشة وأناقة الريشة وعلم الأحياء تتنقل كفراشة ترسم هنا وهناك فتجد نفسك مختفيا في عالمها النقي آمال الجهني الدمعة التي لم تجف حيث فقدت أمها منذ سنوات فأصبحت السعادة مجرد مظهر يجب أن يكتمل لتمر الأيام ، ثم فقدت أباها وأخاها تباعا وبكت كما لم يبك أحد ، ترقد معظم أيامها في المستشفى وتستقبل الألم بروح صلبة ، اتصلت بها يوما ما ، ردت بعصبية وقالت أنا في المستشفى .. ولعلي تحسست قليلا من طريقة ردها ووجدتها تتصل بي الساعة الخامسة مساء بصوت متعب وتقول: الآن انتهيت من غسيل الكلى منذ كلمتيني في الصباح ؛ فأسلمت نفسي للبكاء ما أن يسكن الألم لساعات أو أيام حتى تأتي تنشر الحب والمواساة والمرح ، تداري وتداوي وتحفز .. آمال : يازهرة ديفليا چراي ، كلما زادتك الأيام وجعا ازددت شفافية كيف لي أن أواسي حزني فيك ، وأحلامنا المبتورة ، ووعد اللقاء المؤجل رغم عنا ؟
كيف لي أن أنسى مواقفك التي تقطر حنانا وتقفز فوق الحواجز وتغلق نًوافذ الغضب وترسم ابتسامة تدغدغ خجلنا أشتاق إلى مكالمتك والحديث معك فكما تسعدين بتواصلي أسعد بتواصلك … لترقدي بسلام وبين يديك غيمتان ودعواتنا الصادقة لك بجنات عرضها السماوات والأرض .
يا لهذا الزمن.. زمن تقاربت فيه المسافات، و سادت فيه تقنية الآلات، و باتت كل أصقاع الدنيا تشترك في شبكة واحدة تلف الأرض كحزام ناسف، ليس من بارود أو رصاص بل من حبل يكاد يخنق رقبة هذا الكوكب، ويقطع أوداجه; حيث التقنية تملك الناس من حيث ظنهم بأنهم المالكون، و تسيطر عليهم من حيث قناعتهم بأنهم المتحكمون، ضاعت الأسرار في زخم الموجات الكهرومغناطيسية التي شوشت على أهل الأرض، و أزعجت حتى سحب السماء، و سبحت الأقمار الصناعية شامخة في فضاء مدار الأرض و لفّ الإزعاج سكينة هذا الكوكب، و سرق طمأنينته; فتحولت الأرض إلى مهرجان كبير ماجن يسوق سكانه نحو الهلاك ضجيجا. هذا التحول الهائل من رتابة الساقية، و براءة زقزقة العصافير، إلى نقيق أجهزة الإعلام ووسائله المستمرة، صنع طفرة خطرة لدى مواليد هذه الأجيال تكاد تتفوق على الطفرات الجينية فعالية و أهمية، طفرة نفسية و اجتماعية ثبتت فكرة الشهرة و الظهور لدى أغلب الشباب و الشابات، بل و جميع الأعمار من مراهقين و أطفال وكهول. فالسؤال الأهم- في ذهن الكثيرين- هو هل يعرفك الكثير؟ و السؤال الأهم كم عدد الذين يعرفونك و يعجبون بك ؟ و لربما كانت أجهزة الإعلام وبرامجه وراء هذا الهوس للشهرة و الظهور والتألق، فالإعلام يمول برامجه لتكريس فكرة الاشتهار و التنجم عبر برامج تفريخ النجوم و النجمات حتى توفر نجم لكل مواطن عربي، و صارت الشهرة لآليء تخطف بصر كل مراهق و شاب، و يتدفق العشرات لمثل هذه البرامج و وسائل التواصل تشتعل بكل مايغذي هذه الطفرة الوحشية حتى تعملقت و لم يعد باستطاعة أحد إيقافها و تحجيمها، تحول المجتمع إلى كثير من نجوم تسبح في فلك الشهرة و التعارف، و صار إطلاق برنامج أو قناة في اليوتيوب مهنة من لامهنة له بعد أن كان العلماء و القادة و المفكرون و الباحثون و المصلحون هم رواد الإعلام، أصبحت ريادة البرامج تشمل كل شاب لديه جهاز محمول و كفى و سقطت المعايير وتلاشت، و الانتقائية أضحت من أطياف الماضي فكل من لديه لسان تشدق، و كل من لديه جهاز تكلم و تفيهق، و استظرف كل سخيف ليدعى بأنه كوميدي و تفنن كل مخيف منفر فادعى بأنه فنان و متمكن.. فغرقت الوسائل و التلفزيون و غيره في بحور السباب و الإسفاف و ضمور الفكر و ظهور الفساد، فالحبال فلتت على الغارب بلا حسيب و لارقيب و صارت تلك البرامج و مطلقوها هم النماذج والمثل العليا التي يستقي الأطفال و المراهقون منها قناعاتهم و موسوعتهم اللفظية و القيمية. فقل لي بربك عن أي نهضة نتحدث و هذا حال أجيالنا، و الحقيقة لا أفهم للشهرة مزايا سوى أن يعرفني الناس و أتساءل ماذا و إن عرفوني!!! هل يرفعونني للمجد و ما المجد في أن أكون معروفا و مشهورا ؟ ربما لكسب محبة الناس.. كل ذلك جميل و لكن ماذا بعد، يظل ذلك المغرور أسير فقاعة الشهرة الوهمية الزجاجية إلى أن تفقأ و يسقط على الأرض فاقدا التوازن مكسورا متألما ، خاصة شهرة الغناء و الرقص و ماشابهها فالعرض أضحى أكثر من الطلب و الشهرة السريعة تذهب كما أتت من حيث كونها غلاف من غاز لايلبث أن ينفد و يتلاشى . قال الحكماء : “كم من فرح مغمور و كم من شقي مشهور”، و ليست العبرة بالنجومية و الظهور ، بل اعمل لتتفوق و اختر مجالا محترما، فإن اشتهرت بسبب تفوقك و تميزك بارك الله لك، و لكن حذارى أن يكون الظهور هدفك فهو هدف هلامي سطحي يسرق العمر و الجهد و يهدر الوقت بحثا عن سراب و ينتهي الكثير بلا حرفة مفيدة أو درجة علمية مشرفة .
وهج الشهرة .. دار صماء بلا سقف أو جدران .. و بحر .. لجي بلا ماء و زبد و حيتان .. و ليل أبدي بلا فجر يلوح بنور الشمس و يزدان .. الشهرة طوق يقودك جبرا نحو الإذعان.. لا أفهمها و لاتدركني.. فأنا أعرفني.. و ذلك خير من.. ألف إنسان..
من قمم عسير الشاهقة ومن أعلى قمة جبل السودة الباذخ تلبس عسيـر ثوبها العسيري المطرّز بجمال طبيعتها ، وتودع روحها المتعايشة المتسامحة لكل العابرين حدودها ، وتبادل ضيوفها التحية بألف بذات اللهجة الجميلة فـ” مرحباً ألف ” بكل العالم في عسيـر الحب والثقافة والفن والإبداع والتراث والتاريخ والحضارة الإنسانية العظيمة ..
يأتي مهرجان قمم الدولي هذا العام في عسيـر وفي نسخته الثالثة محتفياً بالفنون الجبلية عبر برامج وندوات وورش عملية تفاعلية يُقدمها خبراء محليون وعالميون لتعريف الزوّار بتاريخ الفنون الجبلية وأزيائها، والمهن الفنية لأهالي المنطقة كالنحت ، وحياكة السدو، وغيرها ؛ ليجد فيها الزائر الكثير من التشويق والثقافة والاكتشاف والتعرّف أكثر على هوية المكان وعمقه التاريخي ودلالته الجغرافية المديدة عبر ثمان قرى ثقافية ستكون مسرحاً عالمياً لتلك البرامج الثقافية وهي ” قرية قلعة شمسان – وقرية بسطة القابل – وقرية بن حمسان وقرية عضوان التاريخية وقلاع أبو نقطة المتحمي وقصر مالك التاريخي وقصور أبو سراح وقصور بن مشيط من الفترة :
( 20 يناير حتى 27 يناير ) وتشارك فيه ” 25 ” دولة حول العالم، بجانب فرق شعبية من مختلف مناطق المملكة .
يقدِّم هذا المهرجان الدولي حزمة من الفعاليات المتنوعة، تبدأ بحفل افتتاح يُقام على مسرح جامعة الملك خالد بأبها، ومسيرتين غنائيتين أدائيتين تعبران من خلال إحدى الطرق الرئيسية في مدينة خميس مشيط ، وتقدمها ” 20 ” فرقة سعودية من ” 7 “مناطق في المملكة، بالإضافة إلى ” 25 ” فرقة أدائية دولية تتزين بأزيائها الجبلية . إن هذا المهرجان الثقافي نافذة يرى القادم من خلالها عسيـر كحضارة إنسانية لها الكثير من الفنون الغنائية الجبلية العريقة والتي يمتزج فيها الفن بالأدب بالثقافة ؛ فتصبح أمامك على مسرح قبائلها العريقة والشهيرة بداية بقبيلة عسيـر وقحطان وشهران وباللحمر وباللسمر في السراة وتهامة ، وقبائلها الساحلية التهامية عبر أكثر من ” ٤٠ ” لوناً فلكلورياً شعبياً ولعل أشهرها هذه الألوان ” الدمّة ” و ” القزوعي ” و” الزامل ” و ” العرضة “والتي غالباً ما تكون في مقدم كل قبيلة في مناسبات الأفراح واستقبال الضيوف ، والأعياد وتكون في صفّين متقابلين يتوسطها شاعر أو أكثر تؤدى بإيقاع فنّي شعبي ممتع على إيقاع الزير والزلفة يجد فيها الزائر متعة فنيّة سمعية بصرية غاية في الاتقان والجمال يزيّنها اعتزازهم بتراثهم ولبسهم الموحّد وأصواتهم الشجيّة مما يضفي على الأجواء الطربية حسّاً جمالياً لا يمكن وصفه ، وفي ذات الوقت تتشكّل في هذه الفنون الحماسية روح الجماعية والتعاون والألفة والمحبة لتتجلّى الصورة المشرّفة للمنطقة بكل فنونها وتراثها الأصيل إلى جانب ذلك صناعاتها التقليدية من خلال متاجر الحرفیین والأزياء، وعروض الطهي الحي التي تعرّف بتقاليد ووجبات كل مطبخ ، ويُخصص المهرجان مناطق للأطفال ؛ تحتوي على أنشطة حرفية ، وورش عمل يدوية، وجناح للتصوير بالأزياء الجبلية، بالإضافة إلى تخصيص مساحات في هذه المواقع لعربات الأطعمة المحلية المختلفة، وأجنحة للحرفيين، يتعرف من خلالها الزائر على المصنوعات اليدوية القديمة .
سيكون زوار «مهرجان قمم الدولي» على موعد حالم مع تجربة فريدة من نوعها عند التسوق من متاجر الهدايا التذكارية التي تَعرض مجموعة من التحف الفنية التي تمثل الإرث العسيري الأصيل .
ومضة :
إن يكون مهرجان قمم الدولي في عسير فهذه رسالة ثقافية راقية من وزارة الثقافة ، وتعزيز للتبادل الثقافي الدولي؛ كونه أحد أهدافها الاستراتيجية تحت مظلة « رؤية السعودية 2030 » .