مرحباً بأصدقاء الأدب والكُتب, هنا ملتقى الأدباء ومجلة الكُتاب العظماء, هنا حيث ننثر من ربيع الكلمات مطراً .. أهلاً بكم
شيخٌ تقاسمهُ العصا وزر السنين
وتكادُ تورقُ إن توكّأها الحنين
خطواتهُ للصبر تكتبُ قصّةً
تُفشي لطين الأرض أسرار اليقين
حمل ابتسامتهُ كشمسٍ لم تزلْ
رغم اجتماع الغيم تقدحُ بالجبين
جدّي الّذي مزج الصباح بروحهِ
طهراً توضّأ من نداهُ الياسمين
يحي الّذي أحيا الإلهُ فؤادهُ
بالذّكر والإيمان دأبُ الصّالحين
أهدى إلى المحرابِ نصفَ فؤاده
والنّصفُ بين النّاسِ إحسانٌ ولين
والشّيبُ من تحتِ العمائم ضوؤهُ
جمع الأهّلةَ من عيونِ الصّائمين
لم يشتكي جسداً تعاظمَ سقمهُ
واستقبل البلوى بحمد الشّاكرين
كالعيدِ في عين الصّغار لمحتهُ
يسلو به الشّاكي ويبتسم الحزين
فسأل سحاب العطرِ عن كلماتهِ
واغفر لموجِ البحرِ إن بسط اليمين
سلْ دومةً غنّاءَ مدّتْ ظلَّها
للصّحبِ والأضيافِ هلّا تذكرين
أغصانها الخضراء شابتْ بعدما
كانتْ تبلُّ جديلها للعاشقين
وأنا بأحلام الطّفولةِ منصتٌ
لحديثهم والنّارُ تنتظرُ العجين
كم طائرٍ غنّى على أهدابها
ويدُ النّسيمِ تغازلُ الجذع المتين
بردتْ فناجيلُ الزمان ولم تزلْ
أشواقهُ كالجمرِ في حبل الوتين
جدّي لثالوث الثّقاتِ نسبتهُ
الزّهدُ والأخلاقُ والعقلُ الرّزين
وطنُ البياضِ مع فتيل سراجهِ
نام القصيدُ ولم يزلْ في السّاجدين
قبلَ النومِ وقبلَ ولوجِ الحُلْمِ
وقبلَ نفاذيَ في الأشياءِ
على عتبةِ بابِ الغيبِ كنستُ العتمةَ
خفَّفْتُ الليلَ بكأسِ الفجرِ
فصارَ شفيفًا كالبِلَّورِ
أمامَ مرايا الروحِ
لبستُ قميصًا لا يحجبني عن جسدي الأرضيِّ ونَزْوَتِه
وأشرتُ لنجمٍ تجحدني عيناهُ: اغضضْ يا أنتَ!
وخذنيَ عاريةً؛ أختبر الليلَ فيسقط مِن شَعري
مغشيًّا في موعدِه الأول
خبَّأتُ الريحَ بِكُمِّ عباءتيَ السوداءِ
تركتُ الضوءَ حسيرًا في صدري
وسرحتُ هناك…
سمعتُ خريرَ النهرِ يصيح: تعالي
الطينُ يعاقرُ خمرةَ رأسي
والنهرُ الباردُ يلسعُ رجلي
يوقظني مِن هذياني:
يهمسُ:
”مغتسَلٌ وشرابٌ” فاغتسلي
مثقلةٌ أترنحُ مغمِضةً عينيَ لا عسسٌ حولي
غمَّستُ النهرَ بساقيَّ
سرتْ رعشاتٌ باردةٌ عبرَ ممرِّ شراييني
صرتُ أراقب كيف يكون شعورُ الطفوِ إلى الأعلى؟
ورأيتُ كواكبَ ليس تُحَدُّ
كواكبَ قانيةً، أخرى صهباءَ،
سديمًا زرقتُه تبلعنُي مِن حيث يذوبُ الوقتُ ولا أدري
حلقاتٌ كبرى مفرغةٌ
وتدور الروحُ ولا تدري
أين ظلالي أو جسدي؟
نورٌ يغشى عينيَ
أسبحُ في الملكوتِ
وأهتفُ: يا اللهُ أَعِرْني بعضَ جمالِك
صَيِّر قلبيَ درويشًا يرقصُ في ساحةِ وجدِك
ما أحلى الرقصَ بساحةِ وجدِكَ
حيث أناكَ تلبَّس روحي
وأنا ساهمةٌ في الأعلى
تعتملُ بروحي أسئلةٌ:
كيف نكونُ ملائكةً لا تغوينا الأخطاءُ؟
كيف تكونُ الجنةُ مِن غيرِ العشاقِ؟
ونعلم أنَّ العشقَ يُجرَّمُ في دستورِ الدنيا
في الجنةِ
حوريةَ مَن سأكونُ؟
أزوجي في الدنيا أم آخر؟
أيحقُّ لقلبيَ أنْ يختارَ شريكًا؟
أم أنَّ الأهلَ سيختارون عريسيَ أيضًا في الجنة؟
فكرتُ كثيرًا في هذا
في العادةِ لا أطرح أسئلةً فالغرباء كثيرو الظنِّ
الناسُ عمومًا يمتلكون عقولًا صخريةْ
أحكامٌ قبْلي تسبقُني
نظراتٌ شرهى تنهشُني
وأنا مطبِقةٌ شفتيَّ ويجترحونَ سكوتيَ بالتأويلِ
الناسُ عقولٌ صخريَّة
أفصلني عنهم تدريجيًّا نحوَ العزلةِ
حيث أفيضُ سلامًا وهدوءا
وأُحَدِّثُ نفسي
وأشاركُ ربِّي أفكاري
فاللهُ قريبٌ يسمعني مِن غيرِ حواجز نفسيَّةْ
الله أحنُّ عليَّ
ويحملني قدرَ صفاءِ النِّيَّةْ
سيدةٌ تكنسُ ساحَ الليلِ وتلبسُ جبَّتَها وتطيرُ
ولن أنسى..
في الساقِ اليمنى تحديدًا
تلبس خلخالَ كواكبِها
-أقصد خلخالَ أنوثتِها-
تحلمُ بالجنةِ مشرعةً
تغمضُ عينيها وتنام.
***
هُناكَ يُفَكِّرُ في عُزْلةٍ،
وأشباحُ وحدتِهِ طائفةْ!
ويكتبُ حَرْفاً ليمحوَ حَرْفاً
يُراجِعُ أيَّامَهُ السَّالفةْ!
يُفتِّشُ عن وجْهِهِ في المرايا
ويبكي ابتساماتِه التّالفةْ
يُحدِّقُ نحوَ فراغٍ مُمِلٍّ
وجدرانُ حُجرتِه واجفةْ
وترتعشُ الكَفّْ من حَيْرةٍ
فيقبضُها قبضةً زائفةْ!
ويسألُ عن نفسه نفسَهُ،
وخلْفَ سؤالاتِه عاصفةْ!
يُمَوِّهُ أفكارَه في اقتدارٍ
وأجملُ أفكارِهِ الخائفةْ!
تُرى?كيف?هل?ولماذا؟أمَا?!
وكُلُّ الحروف غَدَتْ نازفةْ!؟
وما من ضُحىً يُشرِقُ الحرفُ بُرْءَاً،
ويَطوي مساءاتِه الرَّاعفةْ
فما مَرَّ شيءٌ على الحُرِّ أقسى
من الصَّمتِ،أوْ خيْبةِ العاطفةْ..!
على شرف الفواجع والمآسي
وهبت الشعر حرفي لا اقتباسي
وكثفت القصيدة َفي شعوري
مزجت بها جنوني واحتراسي
أغيب أغيب عن حرفي ولكن
أعود إليه تجمعنا المراسي
على عُرَبٍ من التأويل تأتي
القصائد ليس يطربها التناسي
حملت حقيقتين ودون زيفٍ
لأني الأصل من غير التباسِ
إذا وجهي ترنم بارتجافٍ
فقلبي بات في صدر احتباسي
سأرتكب القصيد لأن روحي
بعصر الشعر تشكو للنواسي
وليل يسرق الأفراح منا
ويغتال الهدوء على الكراسي
ويحملني لآفاقٍ حيارى
تعزيني بحزني وانتكاسي
فأرجعُ لا اتجاهَ سوى جنونٍ
وهمٍّ يعجزُ الشمَّ الرواسي
فمن للروحِ والصهباءُ إثمٌ
وما عرفت مُنى الأحلامِ كاسي!
سيخلعُ ثوبهُ المكلومَ حرفي
إذا برء الفؤادُ من المساسِ